والأم أيضًا هي الأم الحانية الحنون التي كانت تشعل الدفء في البيت بحبها وعطفها على الكبير والصغير وإدارة شؤونهم .
الأم التي كانت تضحي بنفسها ومالها وراحتها وسعادتها وبكل ما تملك من أجل أبنائها .
هل أطفأت شعلة الحب ، وما السبب ؟ ولماذا سحبت القوامة من بين يدي زوجها لتصبح هي الآمر الناهي في البيت وهي صاحبة الرأي ؟ وصوتها فقط الذي يعلو ولا يُعلى عليه ؟
التحريض وفساد المجتمع
أم هي الهجمة الفكرية التي ساهم فيها العديد من الأدباء والكُتاب والمفكرين ، وأدت إلى تمرد الزوجة وهجرها لبيت الزوجية ونقمتها على معاشرة زوجها .
والتي دفعت المرأة إلى الاستسلام لإغراءات الشيطان ووقعت في حبائله ، ونزعت حجابها وخرجت إلى الشارع تمضي فيه وقتها ، وقتلت الغيرة والحمية عند الرجل عليها وعلى ابنته ، فسمح لها أن تخرج من منزلها دون حسيب أو رقيب ، وغُض بصره عما ترتديه من ملابس مثيرة ، وأباح لها الاختلاط مع زملائها وأصدقائها ، تستقبلهم في المنزل وترد عليهم زيارتهم بزيارة مثلها في بيوتهم ، وأن تتغيب عن المنزل في رحلة عمل أو فُسحة .
إلى أين سيصل تأثير هذه الهجمة الفكرية علينا ؟
وهل سيأتي علينا زمان ننظر فيه إلى خاتم العفة عند الفتاة كما ينظر إليه الغرب الآن ، على الرغم من أن خاتم العفة هذا يعتبر شيئًا من التكريم الذي أنعم الله به على بني آدم وحدهم دون سائر المخلوقات الأخرى ، فلا نعلم أن هناك حيوانًا لأنثاه غشاء بكارة غير بنات حواء ، وهل سننظر إلى الفتاة المتدينة التي ليس لها علاقات غرامية مع الشباب بأنها مريضة نفسيًا ومعقدة كما ينظر إليها الغرب .
هل نستهين بالزوجة متعددة العلاقات الغرامية قبل وبعد الزواج ،وننظر إلى هذا الموضوع كأنه شيء عادي لا يثير غيرتنا وحميتنا ؟
هذه الهجمة الفكرية التي دفعت بالفتاة لاختيار شريك حياتها بنفسها ، تتعرف عليه في مرقص أو ناد أو شاطئ ، أو زميل دراسة أو ظريف ذو دم خفيف جارٌ في الحي ، ولم تعد مفاجأة لدى الأسرة أن تأتي الفتاة إلى الأب بهذا الشاب وقد اختارته شريكًا لحياتها لمجرد إعجابها بما أحسن تمثيله عليها ، وانحصر دور الأب في الموافقة النهائية إن لم تكن تزوجته بالفعل .
وغالبًا ما تعصف الخلافات بمثل هذا الزواج ؛ لأنه بُني على الغش والخداع ، وكل منهما يظن في الآخر ما ليس في حقيقته ، وفي الوقت ذاته كل منهما يظهر خلاف ما يبطن من صفات حميدة وقيم تروق للطرف الآخر ؛ حتى يحبك الشباك على فريسته ، ويستمر هذا الزيف فترة الخطوبة ، ولكن سرعان ما ينكشف بعد الزواج ، ويشعر كل طرف بخيبة أمله وصدمته من الطرف الآخر ، وهذه الزيجات هي سبب ما نحن فيه من تحلل خلقي وتفكك أسري .
وبالأمس القريب كان الأب صاحب القرار الأول والأخير في اختيار زوج ابنته ، وكان الأب بما لديه من حنكة وخبرة يجيد ويحسن اختيار زوج لابنته ، ولمَ لا وهو الذي قام بتربيتها وتهذيبها يعرف ما يروق لها ويتفق مع طباعها ويصلح حالها .
والإسلام لم يمنع المرأة من أن تعرض نفسها على رجل من أهل الصلاح والتقوى للزواج منه ، لم يمنع أيضًا من أخذ رأي الفتاة عند زواجها ، إلا أنه منع الفتاة من أن تزوج نفسها بدون ولي أمرها ومن لم يكن لها ولي أمر فالحاكم وليها .
والإسلام لم يمنع النظر إلى المخطوبة واستشعار التوافق والقبول بين الطرفين ، ولكنه منع وحرّم خروج الفتاة مع الفتى ، واختفائهم في الأماكن النائية تحت شعار الحب ، ودراسة كل طرف للآخر سنوات ، ثم يقرران إما الفراق أو الزواج ، والإسلام لم يمنع المرأة من التزين ، ولكنه يحرم عليها أن تتزين وتتجمل لغير زوجها .والإسلام لم يمنع المرأة من التعلم والعمل في مجالات تخدم بنات جنسها ، ولكنه يحرّم عليها أن تختلط بزميل العمل أو الدراسة ، وتتخذه صديقًا أو خليلاً أو زوجًا غير شرعي بجانب زوجها ، تظهر له ما تضن به على زوجها وتحكي له أدق أسرار حياتها الزوجية ، بالإضافة إلى الخضوع في القول والفعل .
دور المرأة لا يُثمّن
وفي الماضي القريب ومن قبل هذه الهجمة الفكرية التي أصابت قيمنا ومبادئنا في مقتل ، كانت أمهات وزوجات الماضي وإن كان كثيرات منهن لا يحملن أي مؤهلات دراسية أو علمية ، إلا أنهن أنجبن كثيرًا ممن قادوا حركات التحرير الوطني ضد الاستعمار . وقادوا حركات التنوير العلمي والثقافي .
وقد كانت الأسرة المترابطة فيما مضى تؤدي دورها أفضل أداء في تنشئه الطفل من الأسرة الحديثة ، حيث كانت هناك فطرة سليمة ونسيج قوي من العلاقات والقيم يتوارثه الأجيال ويتم تنشئة الطفل من خلاله .
لذلك ، ونحن في القرن الحادي والعشرين ، وقد انكب العلماء على إنشاء المدارس والمعاهد في جميع شؤون الحياة لكافة المهن والتخصصات ، فمهما كبرت أو صغرت هذه المهن ، وعظم شأنها أو قل . فإن كثيرًا من المهن والحرف التي كانت بالأمس القريب لا تحتاج إلى أي نوع من التعلم الأكاديمي ، نجد أنها قد فتحت لها مدارس وانقسمت إلى تخصصات ، وأصبحت مصدر دراسات عليا .
نطالب من أجل إعداد الأم والزوجة الصالحة بإحياء مدارس للتربية أو الثقافة النسوية
وهذه المدارس كانت موجودة بالفعل ، ولكنها - للأسف - أُلغيت ولم تقم لها قائمة ، أو أن هذه الأمور تدّرس للطالبات بعد انتهاء دراستهن الجامعية ، كما تدرّس في مراكز تنظيم الأسرة لكل مقبل على الزواج بدلاً من تركها للاجتهادات غير العلمية وسط هوس الغزو الفكري .